منطقة تمقاد الأثرية في باتنة بالجزائر
منطقة تمقاد الأثرية في باتنة بالجزائر

أولت الحكومة الجزائرية، في السنوات الأخيرة، أهمية بالغة لترقية قطاع السياحة، من خلال فتح المجال أمام المستثمرين، بغية الاستفادة من عائداته بعد عقود من الإهمال لتعويض تراجع مداخيل النفط.

وتفطنت الجزائر لأهمية هذا القطاع متأخرة، رغم توفرها على مقدرات طبيعية كبيرة يمكن أن تنافس بها الدول المجاورة، التي باتت تجني أموالا طائلة من عائدات السياحة.

​​فتونس لوحدها، استقطبت نحو أكثر من 6 ملاين سائح أحنبي في سنة 2017، بينهم أكثر من مليوني جزائري، حسبما أوردته وكالة رويترز.

في المقابل، كشفت وزارة السياحة الجزائرية، على لسان الوزير حسن مرموري، أن 10 آلاف سائح أجنبي زاروا الصحراء الجزائرية خلال العام الجاري، بزيادة قدرها 2500 سائح مقارنة بالسنة الفارطة. 

ضعف مرافق الاستقبال

وأشار الوزير، أثناء نزوله ضيفا على الإذاعة الجزائرية، إلى أن الحكومة تسعى لتوسيع الحظيرة الفندقية لتستوعب 240 ألف سرير في غضون السنوات الخمس المقبلة.

وتحصي الجزائر ما يقارب 1200 فندق على المستوي الوطني، استنادا لـإحصائيات قدمتها وزارة السياحة سنة 2014، وهو ما يعتبر ضئيلا مقارنة بالدول المجاورة.

هذا النقص المسجل يقف عائقا أمام انتعاش السياحة في الجزائر، وفق منظور، صاحب وكالة سياحية حسام زواوي، إذ يؤكد أن "ضعف المرافق مسجل بصفة أكبر في المناطق السياحية".

ويشير زواوي في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى أن أغلب السياح الأجانب "يقصدون الصحراء الجزائرية، غير أنهم يصطدمون بنقص الفنادق وضعف الخدمات".

وحسب زواوي، فإن هذه الوضعية، ترتب عنها ضعف توافد السياح الأجانب، ويقترح في هذا الإطار "فتح سوق السياحة أمام رجال الأعمال للاستثمار، بمرافقة مبدئية من الدولة".

​​الاتكال على المحروقات

ومنذ الاستقلال، أعرضت الجزائر عن إيلاء عناية خاصة لقطاع السياحة ضمن مخططاتها ومشاريعها التنموية، عدا بعض الهياكل الفندقية القليلة.

ويحصر الباحث في الآثار، أحمد عقون، "إهمال" الدولة لهذا القطاع الحساس، في عدة نقاط، يراها سببا في "تعزيز هذا التفريط، الذي طال السياحة".

ويقول عقون في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إن "نقص مردودية مداخيل السياحة مقارنة بمداخيل المحروقات، كان من أبرز العوامل التي دفعت الدولة، آنذاك، للعزوف عن ترقية القطاع". 

فضلا عن ذلك، يضيف المتحدث "غياب ثقافة السياحة لدى الفرد الجزائري، إذ يسود اعتقاد لدى الكثيرين، مفاده أن الخدمات الفندقية والسياحية تحط من مروءة الإنسان".

كما يصبّ الهاجس الأمني في هذا الاتجاه، ويوضح عقون هذا الأمر قائلا "هناك توجس عند الأفراد المنتسبين لقطاع الأمن من كل ما هو أجنبي، إذ ينظرون إلى الأجنبي بعين الريبة والتحفظ".

"طرد السياح"

ولم تكن هذه العوامل وحدها سببا في تدهور القطاع، بل أملتها ظروف أخرى، يأتي أستاذ العلوم السياسية، الدكتور يوسف بن يزة، على ذكرها في حديثه لـ"أصوات مغاربية".

ويركز بن يزة في تحليله على الجانب السياسي، إذ يرى أن الأزمة السياسية والأمنية، التي ضربت البلاد "كانت سببا في طرد السواح نحو الدول المجاورة، التي تتوفر فيها بنى تحتية تستجيب للمقاييس العالمية، وهو ما لايجده السائح في الجزائر رغم وفرة كل المقومات الطبيعية".

ويعطي بن يزة تفسيرا آخر يستند فيه على الجانب السوسيولوجي، فيقول "المجتمع الجزائري عانى من حملات استعمارية متتالية، جعلت الفرد الجزائري حذرا تجاه الأجانب حاملا بين جنباته تركيبته نفسية معقدة، وهذه طبائع تتنافى مع ما يتطلبه المجتمع السياحي".

​​تغيير الذهنيات

وتعتزم الحكومة الجزائرية تدارك النقص المسجل في القطاع، من خلال إطلاق حزمة من المشاريع للّحاق بركب الدول المجاورة.

ويقترح المختص في التسويق السياحي، محمد رزلة، جملة من التدابير للنهوض بالقطاع، أهمها؛ "تغيير الذهنيات عند المسؤليين على قطاع السياحة، وليس عند الشعب".

ويشير في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن تدخل الدولة في التسيير الاقتصادي للقطاع حال دون تحقيق النتائج المرجوة، داعيا إلى اقتصار دورها على المراقبة والمرافقة.

ويؤكد رزلة على ضرورة الاهتمام بـ"التسويق والإشهار السياحي للبلاد في الصالونات الدولية وعلى مستوى وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، لأن الجزائر غير معروفة سياحيا".

ويخلص رزلة إلى أن "الحل موجود بين أيدي الخواص من أجل ترقية السياحة، وذلك من خلال خلق استثمارات بالشراكة مع الأجانب في هذا المجال".

إرادة لتدارك التأخر

ولا ينكر النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي،صديق شيهاب، أن الوضع الأمني خلال سنوات التسعينات "شكل عائقا أمام ترقية السياحة".

ويقول شيهاب في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن هناك "إرادة سياسية لدى أصحاب القرار في الجزائر لتدارك هذا التأخر، من خلال استراتيجية جديدة وضعتها الحكومة في المنظور القريب".

وتعول الحكومة، يضيف النائب شيهاب، على القطاع الخاص من أجل النهوض بالسياحة "بعد تقديمها امتيازات لرجال الأعمال، كتوفير جيوب عقارية بأسعار مغرية لإنجاز مشاريع سياحية".

وفي نظر شيهاب، فإن قطاع السياحة "بدأ يسترجع عافيته في السنوات الأخيرة بعد استتباب الأمن، وباتت الجزائر  من بين الوجهات مفضلة للسواح الأجانب".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة