Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السياحة الجزائرية... حضور المقومات وغياب العوائد

رغم التنوع الطبيعي والثقافي إلا أن إيراداتها الأضعف في شمال أفريقيا بنحو 2.2 في المئة فقط

تراهن الجزائر على رفع مداخيل قطاع السياحة التي عجزت عن تخطي عتبة 900 مليون دولار سنوياً (مواقع التواصل)

ملخص

لماذا لم تتمكن الجزائر من منافسة مصر وتونس والمغرب سياحياً؟

على رغم الإمكانات الطبيعية والمادية إلا أن السياحة في الجزائر تعتبر الأضعف بمنطقة شمال أفريقيا، وإن كان الوضع منطقياً خلال الفترة السابقة، إذ لم يحظ القطاع باهتمام المسؤولين، ويبقى التساؤل حول أسباب عدم تحقيقه نقلة نوعية منذ سقوط نظام الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة يفرض نفسه بقوة.

رهان خاسر

وتراهن الجزائر على رفع مداخيل قطاع السياحة التي عجزت عن تخطي عتبة 900 مليون دولار سنوياً، بحسب الأرقام الرسمية، من أجل التخلص من التبعية للبترول والغاز والخروج من دائرة الأضعف سياحياً بين دول الجوار، فمقارنة بإيراداتها التي تصل إلى 20 في المئة من مداخيل بعض الدول، لا تتعدى نسبتها 2.2 في المئة من الناتج القومي الإجمالي.

وعلى رغم أن البلاد تزخر بتنوع طبيعي وتاريخي وثقافي يساعد على جعل هذا القطاع أساساً لدعم الاقتصاد المبني على المحروقات بنسبة كبيرة، إلا أن واقع القطاع لا يزال يعاني التأخر ويحتاج إلى عناية خاصة من المسؤولين والمواطنين، ويبقى غياب الثقافة السياحية وحسن التدبير والتسيير من بين أكبر العراقيل التي تمنع تحقيق انطلاقة في مستوى الإمكانات بدليل تسجيل وزارة السياحة والصناعة التقليدية نحو 10 ملايين سائح خلال موسم اصطياف 2022 ونحو 3 ملايين زائر على مستوى المؤسسات الحموية (الخاصة بسياحة الحمامات الطبيعية والمعدنية).

ثقافة سياحية

وفي السياق، يرى مدير وكالة "الزهراء" السياحية عبدالرحيم مداني أن الأسعار المرتفعة هي أول عائق أمام الأمل في جعل السياحة واحدة من أهم القطاعات التي يتم الاعتماد عليها، موضحاً أن قضاء يوم واحد في مركب سياحي بالجزائر يتطلب نحو 14 ألف دينار (100 دولار) يعادل قضاء ثلاثة أيام في بعض الوجهات الخارجية، لا سيما في ظل تدهور القدرة الشرائية.

وشدد على أن الخدمات المتدنية تزيد من نفور السائح سواء المحلي أو الأجنبي، إضافة إلى غياب الثقافة السياحية لدى المواطن، لافتاً إلى أن المواطن في بعض المناطق يبدو متمسكاً بتقاليده وثقافته بشكل متعصب نوعاً ما، إذ لا يقبل تقديم الخمور مثلاً في الفضاءات العامة، على رغم وجود حانات ومحال البيع في البلاد، ومشيراً إلى أن ترقية السياحة تتطلب تحضيرات على جميع المستويات.

وبحسب رئيس نقابة وكالات السياحة نذير بلحاج، فإن ضعف الخدمات وقلة الهياكل الفندقية يعدان من أبرز العراقيل، مضيفاً أن معظم الحجوزات خلال شهر أغسطس (آب) الجاري المخصص للعطل الرسمية غير ممكنة، ليس فقط على مستوى الفنادق، بل حتى في ما يتعلق بالشقق المحاذية للسواحل، وتابع أنه على رغم العناية التي تقدمها الحكومة من أجل النهوض بالقطاع والمقومات الطبيعية الهائلة التي تتربع عليها الجزائر، إلا أن تقدم القطاع يبقى متعثراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأردف أن ضعف الثقافة السياحية من أهم الأسباب التي تعوق تطور القطاع السياحي في الجزائر، مما يتطلب تكويناً على الأصعدة كافة من أجل الارتقاء ليس بمجال الخدمات فقط وإنما بمجمل الدورة السياحية التي يحتك بها السائح، مشيراً إلى عدم التعاطي الإيجابي للمسؤولين المباشرين عن السياحة مع قرار الحكومة الرامي إلى تحسين وضع القطاع وجعله واحداً من أهم روافد الاقتصاد.

رأي آخر

لكن لبعض السياح الأجانب رأياً آخر، فوفق ما عرفته الجزائر من "غزو" سياحي ليبي أثار انتباه المتابعين، يمكن اعتبار الواقع السياحي مقبولاً من نواحٍ عدة، أهمها الأسعار وعقلية المواطن الجزائري، وهو ما كشف عنه صانع المحتوى الليبي الشهير "رحاليستا" في منشور له بأنه لا أحد كان يتوقع أن تكون السياحة بالاتجاه نحو الجزائر.

وذكر أن كثيراً من الليبيين يزورون الجزائر والعدد في تزايد، ولخص الأسباب في ثلاث نقاط، الأولى أن "الشعب كريم مضياف بصدق وليس لأنه يريد مصلحة من خلف الترحيب" والثانية أن "البلاد قارة، فيها البحر والصحراء والجبال والمدن القديمة المليئة بالقصص والحكايات" والثالثة أن "الأسعار رخيصة وتستمتع بوقتك بكلف معقولة جداً".

وفي السياق ذكرت رئيسة تحرير مجلة "إيسكاباد" الفرنسية المتخصصة في السياحة صليحة حاج جيلاني أن هناك طلبات على الوجهة الجزائرية في فرنسا من أشخاص يبحثون عن سياحة مغايرة تقوم على المغامرة والاكتشاف وليس التكدس في الفنادق مثلما هو شائع في المنطقة، وأبرزت أن الجزائر وعت لهذا الاهتمام المتزايد وأصبحت تقدم تسهيلات في التأشيرة التي يمكن الحصول عليها في 15 يوماً بعدما كانت تصنف من بين أكثرها تعقيداً.

جهود حكومية

وفي الشأن الرسمي، عملت الجهات الحكومية على خطى متسارعة من أجل إنعاش قطاع السياحة، بداية من تعزيز الإمكانيات الفندقية، وصولاً إلى استغلال الإقامات الجامعية القريبة من الساحل، بحيث تمت المصادقة على 12 مخططاً لتهيئة مواقع التوسع السياحي بشكل يتيح توفير 166 وعاء عقارياً موجهاً إلى احتضان مشاريع الاستثمار السياحي بطاقة استيعاب تقدر بـ17 ألف سرير، كما تم اعتماد 208 مشاريع سياحية جديدة بسعة إيواء تقارب 25 ألف سرير وتسجيل دخول 112 فندقاً جديداً حيز الخدمة بطاقة استيعاب أكثر من 11500 سرير.

اقرأ المزيد