إعلان

السياحة في الجزائر ثروة منسية... هل تنجح الصحوة المتأخّرة في استثمارها؟

المصدر: النهار العربي
صغير الحيدري
بقايا تيمقاد التي تعدّ من أروع الآثار الرومانية في الجزائر.
بقايا تيمقاد التي تعدّ من أروع الآثار الرومانية في الجزائر.
A+ A-
اتخذت الجزائر أخيراً العديد من الإجراءات بهدف تحفيز السياحة في البلاد، ما كشف بعض المعوقات التي تحول دون اجتذاب السياح رغم وجود مؤهلات ثقافية وحضارية بإمكانها تحقيق هذه الغاية التي من شأنها إنعاش الاقتصاد.

وتراهن السلطات الجزائرية على السياحة من أجل المزيد من الموارد بالعملة الصعبة، رغم القفزة التي عرفتها في ذلك بفضل الاكتشافات النفطية التي تعززت بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.
 
وأدرج تقرير دولي الجزائر ضمن الـ52 وجهة سياحية دولية التي ينصح السياح بزيارتها في عام 2023.

وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تقريرها السنوي حول أفضل الوجهات السياحية العالمية، وجاءت الجزائر ضمن الـ52 وجهة التي تنصح الصحيفة بزيارتها في سنة 2023.

واحتلت صحراء طاسيلي الجزائرية المرتبة الثالثة إفريقياً والـ22 عالمياً، سبقتها كل من مدينة أكرا الغانية التي جاءت في المرتبة الـ9 عالمياً والأولى أفريقياً، وبعدها جاءت صحراء ناميب في جنوب أفريقيا الـ17 عالمياً والثانية أفريقياً.

واتخذت السلطات الجزائرية العديد من الإجراءات من بينها منح السياح الأجانب الراغبين في زيارة الصحراء جنوب البلاد التأشيرة لذلك من جانب وكالات سفر محلية معتمدة من الحكومة.
 
 
كما تم فتح خط جوي مباشر بين العاصمة الفرنسية باريس ومدينة جانت الواقعة جنوب الجزائر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي في خطوة لقيت ترحيباً من قطاع السياحة الجزائري، لكن أهله لا يزالون يوجهون انتقادات إلى واقع السياحة. 
 
وقال رئيس "جمعية شامة السياحية" رياض بن مهدي إن "الأكيد أن السياحة في الجزائر بعيدة تماماً عن المأمول وما يرجى منها، حتى بالنسبة الى السائح الجزائري وليس الأجنبي، وصراحة لا مجال لمقارنتها حتى بدول مجاورة قطعت أشواطاً كبيرة في المجال وأصبحت وجهة عالمية". 
 
 
وأشار بن مهدي في حديث لـ"النهار العربي" الى "غياب إرادة سياسية حقيقية للنهوض بالقطاع حتى يتبوأ مكانته الحقيقية نسبة إلى المقومات التي تتوافر عليها الجزائر البلد القارة".
 
ولفت إلى أنه "قد يقع اللوم على الريع البترولي الذي لعب الدور السلبي على القطاع السياحي، فحرم بذلك البلاد من الاستثمار في هذا المجال، وكل ما تحقق في هذا الشأن لا يعدو أن يكون مجرد محاولات خجولة لم تؤت أكلها. وبقيت الجزائر تعيش "نكسة" جعلتها شبيهة بعملاق السياحة النائم".
 
وشدد على أن "المواطن الجزائري ينتظر بشغف إعادة الاعتبار للسياحة بإرادة سياسية قوية تنهض بالقطاع، ولمَ لا جعله ضمن صميم اهتمامات الحكومة لإنعاشه". 
 
ولفت بن مهدي الى أن "البلاد تمتلك مؤهلات سياحية مهمة محفزة لشركات الاستثمار السياحي الدولية، بخاصة إذا علمنا أن سياحة الجزائر مفتوحة على الفصول الأربعة (الشاطئية والحموية والصحراوية والغابية والجبلية والدينية وغيرها..). والجزائر أيضاً هي موقع متميز قريب من أوروبا".

معضلة التأشيرة
وأكد بن مهدي أن صعوبة حصول الأجانب على تأشيرات دخول الى الجزائر، ساهمت بشكل أو آخر في نفور السياح من اختيار هذه الوجهة لرحلاتهم، رغم كل المقومات الطبيعية والجغرافية، عكس ما يجده هؤلاء في بلدان مجاورة على الأقل. 
 
واستدرك بالقول: "لكن الحكومة ربما تكون أدركت أخيراً أهمية هذا العامل الذي يضيع على البلاد فرص ابتكار الثروة بعيداً عن ريع النفط، ويرسم صورة قاتمة عن الجزائر على أنها بلد منغلق على نفسه ولا يقبل الآخر، وهذا لا يمت لحقيقة البلاد بصلة".   
 
 
وأشار إلى أنه "لذلك ظهرت أخيراً مبادرات تستحق التثمين ونتمنى لها الاستمرار، بعد إقرار حزمة من التسهيلات أمام السياح الراغبين في زيارة الجزائر وتحديداً منطقة الصحراء، التي تشهد كل موسم شتاء إقبالاً معتبراً جداً للسياح الأجانب، من طريق وكالات السياحة والأسفار الوطنية المعتمدة، ومن جملة التسهيلات الاستفادة من تأشيرة التسوية مباشرة عند وصول السياح إلى المنافذ الحدودية، لا سيما الى الولايات الجنوبية (المطارات والمعابر البرية) عوضاً عن إجراء ترتيبات التأشيرة العادية".
 
ودعا الى إطلاق أرضية رقمية تدرج فيها الوكالات السياحية المعتمدة كل المعطيات المتعلقة ببرنامج الزيارة السياحية والمشاركين فيها من السياح الأجانب، بالتنسيق مع مديريات السياحة والصناعة التقليدية للولايات المعنية، من أجل ترقية السياحة الصحراوية، معتبراً ذلك "إجراء مهماً جداً إذ تعفي الجزائر مواطني دول قليلة من التأشيرة لا يتجاوز تعدادها 11 دولة، في حين تسمح تونس، مثلاً، لحاملي جوازات 72 بلداً حول العالم بزيارتها من دون تأشيرة".

مقومات مهمة
وتزخر الجزائر بالعديد من المعالم الأثرية والطبيعية التي تجذب السياح، لكن الإقبال خصوصاً على الصحراء كان ضئيلاً اذ لم يتجاوز العام الماضي أكثر من 2700 بحسب إحصاءات رسمية.
 
 
وقال الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، إن "الجزائر من أحسن الوجهات السياحية إذ لديها مقومات وإمكانات، سواء المناخ أم غيره، لدينا مدن عريقة وترجع الى فترات ما قبل التاريخ والشريط الساحلي الكبير". 
 
وأضاف سليماني في تصريح لـ"النهار العربي" أن "الجزائر تزخر كذلك بالجبال مثل قمم الشريعة وولايات معروفة مثل تلمسان ووهران والعاصمة الجزائر ومنطقة القصبة وغيرها، أما الصحراء فهي ثاني أكبر صحراء في العالم فيها 84 في المئة من مساحة الجزائر، فهي قاطرة السياحة في الجزائر وهي التي يطلبها السياح الأجانب وخصوصاً من الأميركيين والآسيويين وحتى من الدول العربية".
 
ولفت إلى أنه "عندما نتكلم عن الصحراء أيضاً نتحدث عن النخيل ودقلة النور وهي من أجود التمور والثقافات الأصيلة كذلك مثل شعب الطوارق، وهناك مهرجانات فولكلورية تستقطب السياح الأجانب، والسياحة الصحراوية عادة ما تكون في الخريف وننتظر دخول السياح خصوصاً مع تبني تعليمات جديدة في علاقة بالتأشيرات". 
 
وأكد أن "هذه التأشيرة ستتوافر مباشرة في المعابر الحدودية في الجنوب وفي المطارات بالاضافة إلى تسهيلات أخرى مثل الصرف الذي من السهل الحصول عليه بتوفير العديد من المكاتب"، مشيراً إلى أن "هناك عشرة مواقع تاريخية تقريباً مصنفة لدى اليونسكو، بالإضافة إلى تنوع الثقافة في الجزائر ومطبخها والصناعة التقليدية وهي أمور تجذب السياح".

استثمارات خارجية
وتم أخيراً توقيع اتفاق بين قطر والجزائر من أجل تطوير الفنادق. وقال سليماني إن "الاتفاق مع القطريين في مجال السياحة مهم، 100 ألف سرير في مجال السياحة يعد رقماً صغيراً، والفنادق العالمية ليست موجودة بكثرة سوى في المدن الكبرى. في الصحراء مثلاً تغيب الفنادق العالمية".
 
 
وذكر أن الجزائر و"عبر قانون الاستثمار الجديد وتحفيزات اقتصادية، تهدف الى الدخول والاستثمار في السياحة مع القطريين وأطراف أخرى للدفع بعجلة السياحة التي ستكون رافداً من روافد خزينة الدولة".
 
وأكد أن "السياحة لا تمثل سوى 1 في المئة من الناتج الداخلي الخام في الجزائر والسياح لا يتعدون سنوياً 3 ملايين أو 4 ملايين". 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار العربي الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم